سينما الخرافة
بقلم أحمد المسلماني
أنا واحد ممن يكرهون الخصام، وتزداد كراهيتهم للتمادي في الاختلاف والتوسع في الصدام. وكنت قد كتبت في السابق ضد فيلم «حين ميسرة».. ثم كانت المناظرة بيني وبين مخرج العمل، الأستاذ خالد يوسف، في ضيافة الأستاذة مني الشاذلي علي شاشة «دريم».
وقد مضت أشهر لأجد نفسي من جديد أمام فيلم آخر للمخرج ذاته.. فيلم يتحدث عن السلطة والفلسفة دون الإلمام الكافي بأبجديات السياسة أو مبادئ الفلسفة.
يمثل فيلم «الريس عمر حرب» نموذجاً لضعف التفكير وضيق الرؤية، ويمتلئ حديث البطل بكم هائل من «الكلام الفارغ»، معتقداً أنه يمثل خلاصة الحكمة وختام المعرفة.
يتحدث الفيلم عن صالة قمار، يديرها رجل عابث، وهي من ثم قصة عادية رتيبة، لا تحتمل خريطة للأفكار ولا دليلاً للفلاسفة.
ولكن بطل الفيلم الذي لا يعدو أن يكون شخصاً عادياً، يدير عملاً حقيراً، ظل يتحدث، علي امتداد الساعتين، في الثراء والفقر والقوة والضعف والحياة والموت.. في سذاجة واثقة وجهل ممتلئ. إن العظات التي يلقيها البطل تشبه بدايات التفكير الخرافي عند الأطفال، وقد يخرج بسطاء الناس من ذلك العمل بحالة من الإحباط وفقدان الأمل.. ذلك أن الفيلم يؤكد أنه لا يمكن للإنسان ولا للجماعة ولا للدولة أن تغير من واقعها.
يقول الفيلم إنك مهما فعلت فأنت تافه، ومهما حاولت فأنت عاجز، ومهما بذلت فأنت فاشل.. إنه فيلم ضد الإصلاح وضد التقدم وضد الحداثة.. ضد الإنسان وضد الوطن.. لا يجد الفيلم باباً للأمل إلا أغلقه، ولا للتفكير إلا أحكمه، ولا للمنطق إلا أوصده.
إنه يمثل جزءاً من سياق كارثي، بات يهدد هذا الوطن، سياق ينزع الأمل ويزرع اليأس. سياق يطلب من الشعب أن يستسلم لما هو قائم، والفقير أن يرضي، والجاهل أن يبقي، والفاسد أن يستمر.
يقول الفيلم كلاماً ساذجاً حول حتمية الفشل للمستضعفين وحتمية الاستعلاء للفاسدين.
لقد كان تقديري أن أتجاوز عن ذلك الفيلم.. أنصرافاً إلي ما هو أهم وأقيم، غير أن شعوري بأننا إذ نرمم بلادنا في عناء.. ثم نجد آخرين يعملون بعزم من أجل هدم ما يبنيه التيار الوطني في مصر.. كان لزاماً أن أعترض.
إنهم يتركون ما يعلمون إلي ما لا يعلمون، وما ينبغي إلا ما لا يجوز.
* إنني حزين أن مخرجاً موهوباً من الجيل المجاور يحصد أضواء الشهرة ويطفئ أنوار الوطن!
*** عن جريدة المصرى اليوم***
الكاتب أحمد المسلمانى أحد الكتاب المحترمين
فى بر مصر المحروسه
بقلم أحمد المسلماني
أنا واحد ممن يكرهون الخصام، وتزداد كراهيتهم للتمادي في الاختلاف والتوسع في الصدام. وكنت قد كتبت في السابق ضد فيلم «حين ميسرة».. ثم كانت المناظرة بيني وبين مخرج العمل، الأستاذ خالد يوسف، في ضيافة الأستاذة مني الشاذلي علي شاشة «دريم».
وقد مضت أشهر لأجد نفسي من جديد أمام فيلم آخر للمخرج ذاته.. فيلم يتحدث عن السلطة والفلسفة دون الإلمام الكافي بأبجديات السياسة أو مبادئ الفلسفة.
يمثل فيلم «الريس عمر حرب» نموذجاً لضعف التفكير وضيق الرؤية، ويمتلئ حديث البطل بكم هائل من «الكلام الفارغ»، معتقداً أنه يمثل خلاصة الحكمة وختام المعرفة.
يتحدث الفيلم عن صالة قمار، يديرها رجل عابث، وهي من ثم قصة عادية رتيبة، لا تحتمل خريطة للأفكار ولا دليلاً للفلاسفة.
ولكن بطل الفيلم الذي لا يعدو أن يكون شخصاً عادياً، يدير عملاً حقيراً، ظل يتحدث، علي امتداد الساعتين، في الثراء والفقر والقوة والضعف والحياة والموت.. في سذاجة واثقة وجهل ممتلئ. إن العظات التي يلقيها البطل تشبه بدايات التفكير الخرافي عند الأطفال، وقد يخرج بسطاء الناس من ذلك العمل بحالة من الإحباط وفقدان الأمل.. ذلك أن الفيلم يؤكد أنه لا يمكن للإنسان ولا للجماعة ولا للدولة أن تغير من واقعها.
يقول الفيلم إنك مهما فعلت فأنت تافه، ومهما حاولت فأنت عاجز، ومهما بذلت فأنت فاشل.. إنه فيلم ضد الإصلاح وضد التقدم وضد الحداثة.. ضد الإنسان وضد الوطن.. لا يجد الفيلم باباً للأمل إلا أغلقه، ولا للتفكير إلا أحكمه، ولا للمنطق إلا أوصده.
إنه يمثل جزءاً من سياق كارثي، بات يهدد هذا الوطن، سياق ينزع الأمل ويزرع اليأس. سياق يطلب من الشعب أن يستسلم لما هو قائم، والفقير أن يرضي، والجاهل أن يبقي، والفاسد أن يستمر.
يقول الفيلم كلاماً ساذجاً حول حتمية الفشل للمستضعفين وحتمية الاستعلاء للفاسدين.
لقد كان تقديري أن أتجاوز عن ذلك الفيلم.. أنصرافاً إلي ما هو أهم وأقيم، غير أن شعوري بأننا إذ نرمم بلادنا في عناء.. ثم نجد آخرين يعملون بعزم من أجل هدم ما يبنيه التيار الوطني في مصر.. كان لزاماً أن أعترض.
إنهم يتركون ما يعلمون إلي ما لا يعلمون، وما ينبغي إلا ما لا يجوز.
* إنني حزين أن مخرجاً موهوباً من الجيل المجاور يحصد أضواء الشهرة ويطفئ أنوار الوطن!
*** عن جريدة المصرى اليوم***
الكاتب أحمد المسلمانى أحد الكتاب المحترمين
فى بر مصر المحروسه